كوم الحجر.. وكوم الحجارة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


كوم الحجر.. وكوم الحجارة
سميح أيوب – 10\04\2008
إنها قصة حقيقية. تنطبق أحداثها في كل زمان ومكان. في عصر تسود به مرحلة من الانانية وحب الذات واللاوعي ... في عصر يغيب به الضمير ليصبح مستترا او ميتا.. يكسوه تراب الذل ولحد التبعية. انهم شلة من حجارة شطرنج تحركهم اصابع المصلحية والحقد والخبث. حشرات تقتات دماء الانسان وعرق الفلاح وكدح العامل. تغتال كلمة الحق واجساد الشرفاء. نغتال فكر الاطفال وتطلعاتهم وايقاف حركة تقدم الزمن.. يرضى السلطان وأتباعه وكل من سار في ركبة.. واتبع قافلته التي يقودها. ومات كل من رفض السير بأمره يرمى في صحراء الحياة القاحلة يواجه مصيره وربما في اسطبل ينهشه الجوع وجرذان الليل وعتمة الجدران.
لقد تزاحمت الأفكار في داخلي عندما كنت أشاهد مسلسل كوم الحجر. إنه قصة من ماضينا تجعلنا نقف مع أنفسنا نحزن على أولئك المضطهدين المعذبين، ونلعن تلك الفترة التاريخية التي مروا بها ومرت بها المنطقة وعاش أحداثها أجدادنا وشعبنا بعد أن كانوا أسيادا قبل أن يتفرقوا ويشتت الاستعمار وحدتهم. ماساة.. معاناة.. ظلم.. وركوع. الكل يعمل من أجل لقمة العيش لاستمرارية حياته وحياة أسرته ومن اجل ظالم يسمى آغا... سلطان.. مختار.. زعيم.. الخ. الجميع صبروا ولم يتركوا أو يرحلوا لتعلقهم بالأرض ومسقط الرأس. وصدق من قال (لو ما الوطن قتال لكانت ديار السو خراب) وعاش كل منهم على أمل غد مشرق. لأن حكيمهم قال لهم قبل أن يموت (كل ابن حوى وان طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول) الكل يا أبنائي يندثر في التراب وتبقى الأرض والوطن وإلى الأبد حي لا يموت.
تساءلت: هل لو وقف الجميع يدا واحدة ولم يكن بينهم ماسحي أحذية وجوخ استطاع شخص أن يحكم شعب بظلمه ويسوقه كالنعاج؟ هل لو كان فكر وشجاعة يستطيع شخص أن يغتال شعب ومجتمع بأسرة بقوته الذاتية ويعمل في اقطاعيته وأراضيه.
هل ذهب القديم من ظلم وآغا وسيد إلى غير رجعة واستقلت الشعوب وفتحت المدارس وجامعات الفكر بحرية، وصحف ومجلات واخبار وفضائيات.. لنعيش في المدينة الفاضلة كما رسمها افلاطون؟ هل انتهى الظلم من عالمنا ونستطيع أن نقول لا؟ هل ازدهرت الصحراء وزرعت بالبساتين لنأكل من ثمرها ونتفيأ بظل أشجارها إذا تركتنا القافلة؟ هل استبدلت اسطبلات الحجز بقصور فاخرة؟ هل مات زلم الاغا ورجال السلطان ومات معهم ظلمهم ولم يخلفهم منتفعين واذيال وماسحين او حجارة شطرنج آخرين؟ هل صبر شرفاء الأمة على الظلم والإهانة ما صبر اجدادهم وحبذوا الوطن على الغربة؟ وهل اشرقت الشمس هازمة جيوش الظلام؟ وهل.. وهل.. وهل؟
ألف سؤال وسؤال. وتتزاحم الأفكار ويطول الشرود وأغوص في بحار من الأسئلة لا أجد لها جوابا. أترك شرودي واستعيد الواقع. فهناك كرة تسقط في بحر وصوت موسيقى. إنها الأخبار.. الجزيرة
- أمر السلطان طويل العمر بزيادة انتاج النفط لدعم الاقتصاد الأمريكي المتدهور.. ورقص بالسيف مع ضيفة الغالي وقلده وسام شرف.
- قتل عشرات وجرح مئات من المواطنين الابرياء اثر غارة جوية لقوات اتت من خلف البحار حاملة لنا الديمقراطية والحرية لشعب عانى بؤس الدكتاتورية.
- قتل أربعة إرهابيين أطلقوا النار على قوات حليفة للنظام الجديد.
- وزير المالية ابن الطبقة الكادحة وخادم الشعب يفتتح مشروع استثمار في دولة أجنبية بملايين الدولارات
- الشرطة تقتل مواطن وتعتقل العشرات وتجرح العديد منهم اثر مظاهرة رغيف الخبز
- عقد مؤتمر قمة تضامن ولم يحضره العديد من القادة الأخوة
- احتباس حراري يهدد الكرة الارضية ودول السلاطين العرب يدفعون فاتورة الأبحاث
واخبار عالمية ومحلية... يضيق بي الذرع وأصم آذاني كي لا اسمع المزيد. ربما تنهار أعصابي أو افقد الصواب اثر نوبة قلبية او جلطة في المخ.
كان أحرى بك يا طويل العمر وراعي الابل ان تصون اقتصاد البلاد والفقراء وتقلد وسام الانسان للسواعد بناة البلد وترقص رقصة الخنجر لتحرير الشعوب علك تقابل ربك ورعا نقيا.
لقد أصبح الجزار سارق النفط وخيرات البلاد والشعوب وقاتل الاطفال محررا لها من الدكتاتورية (هربنا من الدب علقنا بالجب) وأصبح المدافع عن أرضة والمؤمن بقضيته وحامي دياره من المغتصبين وابن حركة التحرر بالامس.. ارهابيا حلل قتله. ونفس هذا الانسان في الحرب العالمية الاولى والثانية كان مناضلا اقيمت لة التماثيل والصروح وتغنى به التاريخ والشعوب. من أين هذة الاموال لابن الطبقة الكادحة ليستثمر في دولة اجنبية وليس بدولته؟ لماذا قست قلوب الاخوة ويقاطعون مؤتمر قمتهم ويرتمون في مؤتمر القمامة *لمضطهدي الشعوب.. ولكن القط يحب قاتله. الم يكن احرى بأنضمتنا ان تدرس التخلص من احتباس الانفاس لشعوبها، وهذا غير مكلف، من تبذير الاموال على اخطاء دول صناعية؟ الم يكن احرا بهم قتل افات الجهل والتخلف وزراعة الارض ومد شبكات الري قبل ان يقتلون مطالبا برغيف خيز. اين هي سلة غذاء الوطن العربي ونحن نستطيع ان نصنع مئات السلال بنقائنا وخدمة شعوبنا؟!
وتتراود الافكار وأعود لمجد بناه لنا أبناء الوطن في عصر عاش به الضمير، فأرى صورا من ذلك الماضي البعيد. ها هو عمر بن الخطاب ينشر العدالة ويطلق جملته المشهورة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا، ويدوي صوت الرسول العظيم باقامة بيت مال للفقراء والمحتاجين، ويصرخ طارق بن زياد صرخة الجهاد ويعبر المضيق.. أحقا كان محتلا؟
ويأتي صلاح الدين ليصد كل صليبي. وثار الفاطميون لينشروا العدالة ويصدون المغول، وحكم عبد القادر كثائر، ونفي وشنق عمر المختار من قبل دوي الديمقراطية التحرر، ومات ناصر ضمير الأمة في العصر الحديث كما اعدم الفكر من قبله بإعدام جمعية الفتاة الكواكب والياسج وغيرهم من عدمهم علقت مشانق الدنشواي وقطعت يد جائع في مكة لانة اخذ حبة تمر يسد بها رمقه وجوعه.
أتمنى ان يعيد التاريخ امجاده، ان يستيقظ الضمير، أن يموت كل ماسح جوخ واحذية، فاذا تفر الاسياد حكم الطغاة، واذا غاب الضمير ذلت الشعوب. تعالوا نكون يدا واحدة اسيادا لانفسنا، فزمن العبيد ولى وظلم السلطان يزول مع روحة الشريرة. فليس من سمات الرجولة والضمير النفاق والاكاذيب وكرامة الانسان هي ما قدم ويقدم من خير واعمال حسنة... فعندما تأتيك المنية ايها الظالم ايها الماسح اغمض عينيك لتنام قريرا وليس خنزيرا. فتولي شعوب على الظلم والمهانة. اعصفي يا رياح على جنود الظلام. اشرقي يا شمس الحرية واغمري بطاح الوطن وحرارة الحب للاخوة والعدل للمجتمعات. واعد امجادك ايها التاريخ وليندثر الفاسقون والكاذبون والظالمون في مزابل التاريخ. فالى متى سنبقى نقتل الانبياء ونركع للسلطان.


عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا